الجودة شـغـف وحياة منذ عشرات السنين فهي والكيمياء الحيوية يحتاجان لعمق وأناة للفهم والممارسة. وكلاهما سبحان الله يُشـيران الي إبداع الله في صُـنعه وإتـقانه. طالما أحزنني جور الكثيرين ووصفهم للجودة بأنها (ورق) او (كلام نظري) أو (عبء إضافي)، وذاك يعكس مدى حقيقة "ما لا تعرفه تجهله". الجودة في حياتنا اليومية نجدها في كل عملية او نشاط نقوم به أو يقوم به ممن حولنا من مخلوقات الله ولكن نحن لا ننتبه رغم دعوة الله للإنسان للتفكّـر في خلقه الذي بدوره يؤدي الي تعظيم وخشـية الله و إحياء القلوب. يقول الله سبحانه وتعالي (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) -28- سورة فاطر. ويقول سبحانه وتعالي (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) –12- سورة الملك. أسأل الله تعالى أن يوفقني في هذه السلسلة من المقالات بأن أعكس بعض من مفاهيم الجودة في حياتنا اليومية وتأصيل ذلك بكلام الله والهدي النبوي وأحسب أن في ذلك إضافة للامة الإسلامية والمكتبة العربية. لإعداد هذه السلسلة من المقالات بعد توفيق الله أنني استفدت من قراءة العديد من المقالات عن المواضيع المختارة ثم عملت على اعادة الصياغة وترتيب الافكار بأسلوب بسيط ليسهل للقاريء تبيان الجودة في حياتنا اليومية. بروف. عبدالمعروف حسن.
تعد القيادة أمرًا حاسمًا لنجاح مستقبل المؤسـسات وبناء فرق العمل الفعالة والحفاظ عليها وخلق جو جيد لتحسين الأداء للمؤسسة. يحدد نهج القيادة التحويلية كيفية تأثير القائد على فريق عمله من خلال تحدي عاطفة الأفراد وقيمهم وأخلاقهم وغاياتهم وتحويلها للأفضل.
فالقادة التحويليون يتمتعون بالكاريزما التي تلهم وتنشط وتنمي التطوير المهني والشخصي لافراد فريق العمل. فهؤلاء القادة التحويليون يسعون إلى دعم أفراد فريقهم لاتخاذ القرارات، وزيادة فعاليتهم لأداء المهام، وتلبية احتياجاتهم (تشمل الفسيولوجية، الأمن، والحب والانتماء، والاحترام، وتحقيق الذات). يعـتبر القادة التحويليون هم النموذج في المؤسـسة فهم يمثلون السمات المثالية، والسلوك المثالي، والدافع الملهم، والتحفيز الفكري، والاهتمام بالفرد.
القيادة هي أسـلوب للحياة يمكن لأي شخص التفكير فيها وممارستها. لا يكتفى الإنسان الطموح في تلبية احتياجاته من المستوى الأدنى فقط (التي تشمل الفسيولوجية، الأمن، والحب والانتماء) ولكن يمكنه أيضًا تحقيق أعلى إمكاناته وتحقيق إحتياجات المستوى الأعلى (وتشمل التقدير للذات و تحقيق الذات). يمكن إكتساب مهارات القيادة التحويلية من خلال التعلم والتدريب. أوصانا الله سبحانه وتعالى، بسم الله الرحمن الرحيم (لَّقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسوةٌ حَسَنَة لِّمَن كَانَ يَرجُواْ اللَّهَ وَاليومَ ٱلاخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا (21) - سورة الاحزاب
التفكير المرن هو نهج فلسفي يركز على النظام ويهدف إلى إنتاج المزيد بموارد أقل وذلك لتقديم قيمة. يتضمن التفكير المرن أدوات وتقنيات للتخلص من أو تقليل الهدر والتكلفة والجهد مع زيادة الجودة والكفاءة والربحية . حيث يرتكز التفكير المرن في آن واحد على زيادة الجودة مع تقليل التكلفة.
يمكن تعريف الهدر أو الأنشطة غير ذات القيمة المضافة علي انها أي نشاط بشري يستهلك الموارد ولكنه لا ينتج عنه قيمة. ويعـبّر عن الهدر بعدة أنماط مثل إستهلاك موارد إضافية دون ترجمتها إلى قيمة إضافية أو التفاوت في نفس العمليات والتشغيل أو زيادة العبء علي الفرد والمعدات. يتم تطبيق التفكير المرن بنجاح في مجموعة واسعة من الصناعات مثل تصنيع السيارات والرعاية الصحية والمعالجة الكيميائية وتصنيع الأغذية.
في الحياة اليومية، فأنا أؤمن أنه يمكن لأي شخص ممارسة وتطبيق التفكير المرن في أي مكان وذلك للتخلص من الهدر وتعزيز القيمة. بحيث يمكن أن يصبح التفكير المرن عادة شخصية للإنسان لكي يحقـق إنتاجية كبيرة وتحسين مستمر في حياته. فالتفكير المرن يرتكز حول تغيير الطريقة التي يرى بها الانسان أحداث وأنشطة يومه بحيث يعمل على تقليل الهدر بما يحقـق مزيد من النمو والنجاح. بسم الله الرحمن الرحيم (وَالعصرِ (1) إِنَّ ٱلانسَٰنَ لَفِي خُسرٍ (2) إِلَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَواْ بِٱلحَقِّ وَتَوَاصَواْ بِٱلصَّبرِ (3) - سورة العصر
تعد صـياغة الرؤية و الرسـالة خطوة أساسـية لفعالية إدارة الجودة الشاملة مما يُـسـاهم في خلق علاقة رابحة لجميع الأطراف ذات المصـلحة في جميع المجالات وهذا يُمـثل نـهـج الإدارة التـشاركـية.
مُـعظمنا على دراية بمصـطلحات الرؤية و الرسـالة والقـيم في مؤسـساتنا حيث يتم نشر هذه المصطلحات لتحـفـيز الأفراد وإلهامهم للعمل. الرؤية تُمـثل الصـورة المثالية للمؤسسة في المستقبل. الرؤية تهدف الي توحـيد فريق العمل للعمل معًا لتحـقـيق هـدف مشـترك وبالتالي للتخـطـيط لعمل وتحـسـين مسـتمر. الرسـالة تهدف للتـعريف على الهدف من وجود المؤسسة أي ما تفـعله المؤسسة: ماذا؟ وكيف؟ ولمن؟ ولماذا؟ فالرسـالة هي إعلان شامل مُــوُجـه نحو مُـخرجات المؤسـسة.
في الحـياة اليومـية ، يمكن لأي إنسان أن تكون له رسـالة ليُعـبّر من خلالها و يُخــبر العالم: من هو؟ وما هي غاياته في الحياة؟ فالإنسان صاحب الرسالة يتمــيّــز أن له إسـتراتيجية، خـطة، أو هدف لحـياته يُـدرك من خلالها ماذا يريد؟ ولماذا؟ وهذا يســاعده على التخـطـيط للانتـقال من الوضع الحالي إلى الأهداف المرجـوة. فالرسالة هي المعيار والحكم على تقـيـيم الإنسـان للأنشطة أو الأحداث ذات القيمة المضـافة له في حياته. إذا كنت تعرف إلى أين تريد أن تذهب، فقد تصل إلى هناك! بسم الله الرحمن الرحيم (أَفَمَن يَمشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجهِهِۦٓ أَهدَىٰٓ أَمَّن يَمشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰط مُّستَقِيم (22) - سورة الملك
الوقت هو شـريان الحـياة لكل إنسـان. تتطلب العديد من المهام التي نحتاج إلى إنجازها في حياتنا أن نلتـزم ونطبّق نوعًا من الانضباط، أو نتخذ خيارًا جيدًا.
التسـويف يعتبر أحد الأسباب الرئيسية لسوء إدارة الوقت الذي هو أثمن موارد الانسان لأننا لا يمكننا إسـترداد الوقت أبدًا بمجرد أن يمضي. قال الإمام الحسن البصري:"يا ابن آدم انما انت أيام فإذا ذهب يومك ذهب بعضك". التسويف هو فن التأجيل حتى الغد ما يمكن وينبغي القيام به اليوم حيث أن الأشخاص الذين يماطلون عادة ما يبـحـثون دون وعي عن المشـتـتات، مثل التحقق من رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهم، القيام بالأعمال الورقية، تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، أو قضاء الوقت في أنشطة غير منتجة مما يترتب عليه فقدان الإنـتاجية وضياع الموارد. يؤثر التسـويف على صحة الانسـان العقلية والجسـدية. فعندما لا يتحكم الشـخص في التسويف فإنه سـيحد من نجاحـه وإمكانيـاته وبالتالي سـيكون سـببًا لضياع الفرص والتوتر وحتى الشعور بالذنب.
يماطل الناس لأسباب لا تعد ولا تحصى– منها الخوف من الفشل؛ الخوف من طلب المساعدة؛ كثرة المهام؛ أو سوء التخطيط. لكن بمجرد أن يفهم الشخص ما سبب تأجيله، يمكنه بسـهولة تحديد مكان جذور مماطلته ومن ثم التغلب عليه بعـقلانية. هناك الكثـير من الإسـتراتيجيات لتـقليل أو حتى القضاء على ميل الانسان للمماطلة. من استراتيجيات إدارة الجودة الشاملة يمكن إسـتخدام مبدأ باريتو (قاعدة 80:20) لتحديد أولويات المهام التي تـنتج أكبر قدرٍ من الأهمية ثم البدء لإنجازها.
خلاصة الأمر أن مفتاح النجاح لأي شيء يُحاوله الانسـان هو قدرته على الالتزام و الشغف به وهذا يُحتّـم على الإنسان المبادرة للعمل وتحقيق النتائج بدلاً من الجلوس والقلق بشأن ما يمكن أن يحدث. بسم الله الرحمن الرحيم (وَقُلِ ٱعـمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُۥ وَٱلمُؤمِنُونَۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَٰلِمِ ٱلغَيبِ وَالشَّهَٰدَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ (105) - سورة التوبة. بسم الله الرحمن الرحيم (وَأَن للإسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ (39) وَأَنَّ سَعيَهُۥ سَوفَ يُرَىٰ (40) ثُمَّ يُجزَىٰهُ ٱلجَزَآءَ ٱلاوفَىٰ (41) - سورة النجم
في ظل إقـتصاد عالمي شديد المنافـسة، فإن كل ثانية يقضيها الانسان في البحث عن الأدوات أو الأعمال الورقية المفقودة خلال عمله من أنشطة وعمليات إنما هي أموال مهدرة وهدية تقدمها للمنافسين. إن مكان العمل جيد التنظـيم، والخالي من الفوضى مع وجود "مكان لكل شيء وكل شيء في مكانه" ، فهو يؤدي الي كفاءة أكثر في بـيئة العمل والانتاجية.
التاءات الخمسة (5 S) هي أحدى أدوات التحسين المستمر في الجودة الشاملة والتي تهدف لإنشاء والمحافظة على النظام المرئي، التنظيم، النظافة، والتوحيد القياسي على مستوى المؤسـسة. وهذا بدوره يساعد على تقليل الهدر، زيادة الربح، تقديم خدمة أفضل، ومكان عمل أكثر كفاءة وأمانًا. نشأ مفهوم التاءات الخمسة (5 S) في اليابان حيث تقوم فلسـفته حول المصطلحات الخمسة التالية: (1) تصنيف- Sort: وذلك بإزالة من مكان عملك ما لا تحتاجه وجلب الضروريات، (2) ترتيب- Set: بوضع الأشياء حيث تحتاجها، (3) تلميع/ تألق- Shine: بأن تحتفظ بالاشياء التي تحتاجها نظيفة ومرتبة، (4) تنميط/ توحيد- Standardize: بإعداد العلامات الإرشادية ونماذج للمهام ووضعها في أماكن واضحة، (5) تثبيت / الاستدامة- Sustain: بأن تكون الخطوات الأربعة السابفة جزء من ثقافتك على المدى الطويل.
في الحياة اليومية، يمكنك تخـيّـل مدى فعاليتك عندما يكون كل شيء في مكانه قبل أن تبدأ. علي سبيل المثال يلاحظ أن تلاميذ المدارس يتم تعليمهم وتدريبهم بترتيب وجمع كـتبهم ودفاترهم وأقلامهم قبل الجلوس والبدء لحل واجباتهم. وهذا يمكن تطـبيقه أيضا على سطح جهاز حاسـوبك المحمول وذلك بتنظيم وترتيب الملفات. التاءات الخمسـة (5 S) هي خمـس قواعد لتحديد والتخلص مما لا تحتاج إليه، ومن ثم تنظيم مكان العمل بحيث يصبح أمامك فقط كل ما تحتاج اليه للعملية أو النشاط الذي تقوم به وهذا يساعد على تحسين إنتاجـيتك. التاءات الخمسة (5 S) هي فلسـفة "مكان لكل شيء وكل شيء في مكانه". بسم الله الرحمن الرحيم (وَٱلشَّمسُ تَجرِي لِمُستَقَرّ لَّهَا ذَٰلِكَ تَقدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ (38) وَالقمَرَ قَدَّرۡنَٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالعُرۡجُونِ القَدِيمِ (39) لَا الشَّمسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تُدركَ القَمَرَ وَلَا ٱلليلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّ فِي فَلَك يَسبَحُونَ (40) - سورة يس
الطلب على المـنـتجات عالية الجودة وبتكاليف منخـفـضة دفع أصحاب الصناعات على التفكير في إستراتيجيات وتصاميم مختلفة لمنتجاتهم .
ستة سيجما هي احدى إسـتراتيجـيات الجودة الشاملة التي تهدف الي تـقليل التباين في العمليات والخدمات وبالتالي تقليل العيوب في المنتج. تعتبر ستة سيجما عملية إحصائية ترتكـز على التحسـين المستمر وذلك من خلال تلبية احـتياجات العملاء، وتحليل العمليات وتبـنّـي طرق قياس مناسبة لتقليل التباين في العمليات.
سيجما هو الحرف اليوناني الذي يسـتخدم في علم الإحصاء لتحـديد الانحراف المعياري أو الـتباين في العملية. كلما إنخـفض "مستوى سيجما"، زاد الـتباين أو العيوب في العملية؛ بينما كلما إرتفع مسـتوى سيجما، قل عدد العيوب. يتم إسـتخدام "مستوى سيجما" كـرمز مختصر للإشـارة إلى عدد العيوب لكل مليون فرصة في العملية. على سبيل المثال ، تحـتوي العملية ذات "مستوى سيجما الثنائي" على 308500 عيب لكل مليون منتج، بينما إذا كانت العملية ذات "مسـتوى سيجما ثلاثي"، فإنها تحتوي على 66800 عيب لكل مليون منتج. أما ستة سيجما تعني التشـغيل بأقل من 3.4 عيب لكل مليون منتج بمعنى أن المنتج خالي من العيوب بنسبة تصل الي 99.99966 %. ومن هنا يمكن تعريف جودة ستة سيجما من خلال قدرتها على مسـاعدة المؤسـسة لتحقيق 3.4 عيب لكل مليون فرصة/منتج أي أنها تمكن المؤسـسة من تحقيق الكمال تقريبًا. تعتبر شركة موتورولا منذ العام 1987م هي الرائدة في تطبيق اسـتراتيجة سـتة سيجما حيث كان هدفها الوصول الي 3.4 عيب في المليون لكل منتج. ثم في العام 1995 تم الإعلان عن ستة سيجما وتنفيذها بشكل جيد في شركة جنرال إلكتريك.
تبارك الله الخالق البديع الذي يرشدنا الي التفكر في خلق السموات التي لا يعتريها عيب ولا خلل، والي دقة وإعجاز الخلق الذي لا يمكن أن تصل إليه قوة بشرية. بسم الله الرحمن الرحيم (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) -سورة تبارك
جودة الحياة هي المفهوم الذي يشمل الصحة الجسدية للأفراد، الحالة النفسية، الاستقلال المادي، والعلاقات الاجتماعية. الحياة مستمرة ففي بعض الأحيان تكون كما نحب وفي أوقات أخرى تخرج عن المسار. يساعد الضغط العصبي المعتدل على تحفيز الانسان وتعزيز تركيزه وتحسين أدائه. لكن على النقيض، يؤدي الضغط العصبي المفرط إلى تقليل الأداء الأمثل، الأرق، التوتر، الانفجار، وعدم التركيز. يختلف الأشخاص في إستجاباتهم لنفس المُؤثر أو السيناريو بناءً على تفسيرهم للأحداث فبعض الأفراد يستطعيون مواجهة التحديات والصعاب بكفاءة، والبعض الآخر لا يستطيع القيام بذلك وبالتالي يعاني من عواقب نفسية سلبية.
عندما لا تسير الاحداث كما نريد ويزداد التوتر، فإن الأهم بالنسبة للإنسان هو العودة إلى المسار الصحيح والعثور على موطئ قدم له. هذه هي المرونة بمعنى القدرة على إيجاد القوة الداخلية للنمو من خلال انتكاسة أو تحدٍ أو فرصة. المرونة هي قدرة الإنسان على التكيّـف بسرعة والتعافي من المواقف العصيبة.
المرونة هي مهارة ذهنية يمكن تعلمها وتطويرها. من أحد أساليب بناء المرونة عندما يواجه الإنسان موقفًا عصيبًا هو أن يعمل على تغيير وجهة نظره تمامًا في هذا الموقف- اسأل نفسك: هل هناك أي طريقة يمكن أن تٌـظهر بها نتيجة إيجابية من هذا الموقف؟ وإذا وجدت نعم، عليك أن تعمل على الفور كيف يمكنك تحقيق ذلك؟ يجب أن يُركّـز الفرد على حل المشكلات التي يمكنه التأثير عليها بدلاً من الخوض في الأمور التي لا يمكنه التحكم فيها. ففي حالة الضغط العصبي المفرط، دائما نفقد رباطة جأشنا أو تركيزنا وغالبًا ما نُـفكّر في جميع المشكلات التي ستحدث إذا لم ننجز شيئًا، بدلاً من التركيز على النتيجة المرجوة التي نريدها. من الأهمية بمكان أن يكون لديك فكرة واضحة عن ما تتطلع إلى تحقيقه وأن تركز عليه بحيث تدعمه بعبارات إيجابية، بدلاً من التركيز على ما تحاول تجـنّـبه. عندما تحدث لك أشياء خارجة عن إرادتك، أعلم أن لديك خياراً فيما سـتفعله بذلك. تذكّـر لا يمكنك تغيير أو التحكم في تصرفات الآخرين. فلكل فعل رد فعل. أختر رد فعلك بحكمة. حيث ستساعدك إدارة عواطفك وحالتك الذهنية على أن تظل هادئًا وقادرًا على التفكير بوضوح.
يقول الله سبحانه وتعالى الذي أحسن كل شيء خلقه، بسم الله الرحمن الرحيم (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) - سورة الرعد. بسم الله الرحيم الرحيم (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ۚ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123) - سورة هود
الكثير من الأشخاص يلتحقون بدورات تركَـز على ما يحتاجه العمل من المهارات التقـنية، غير أنهم غالبًا ما يغفلون عن التدريب في المهارات الليًـنة. فالإنسـان غالبا يميل أكثر إلى القلق بشأن الحفاظ على مهاراته التقـنية الفنية، بينما يُهمَل تطوير قدراته الشخصية وإدارة الذات. فبالرغم إن الكفاءة التقـنية أساس للنجاح المهني، إلا أن إتـقان المهارات الليًنة أمر مهم وبنفس القدر. فالمهارات الليًنة تكمّل المهارات التقنية وهذا يحتم على الجميع تطوير مهاراتهم الليًنة. قد تساعد المهارات التقنية في الحصول على وظيفة، ولكن المهارات الليًـنة ضرورية لتحقيق النجاح والحفاظ على مسيرة مهنية مسـتمرة مما ينعكس على نجاح وزيادة إنتاجية المؤسسة.
تُعرف المهارات الليًنة، والتي غالباً ما يُشـار إليها بمهارات التعامل مع الأشخاص، بأنها الصفات والقدرات غير التقـنية الضرورية للتفاعل الفعّال مع الشركاء، بما في ذلك الزملاء والعملاء في مكان العمل. تشمل المهارات الليًـنة الصفات والخصائص الشخصية غير ملمـوسة القدرات مثل حل المشكلات، التواصل الفعـّال، العمل الجماعي، التعاون، لغة الجسد، الوعي بالمواقف، التفكير النقدي، اتخاذ القرارات.
من مزايا المهارات الليًـنة أنها تسـاعد الشخص على الحصول على وظيفة، التطور في مكان العمل، بناء علاقات قوية مما يساعد إلى النمو المهني الذي بدوره يزيد من الفرص المتاحة للأفراد وتحقيق غاياتهم المهنية.
قد يعاني العديد من الناس بشكل طبيعي من نقص في الثقة بالنفس وتقدير الذات. ومع ذلك، فمن المهم تذكّر أن الدافعية هي القوة الأساسية التي تحفّـزنا على وضع الأهداف وتحقيقها. يجب على الشخص أن يكون واضح مع نفسـه بشأن ما يريده ولماذا يريده. كما أنه من الضروري أن يكون الشخص على دراية ومسـؤولية عن أفعاله وسـلوكه. فلكي تكون مُتواصلًا جيدًا فلابد من الصبر والوعي بذلك. وللبقاء منافسا في سوق العمل لابد من تقيـيم وتحسـين مهاراتك الليًـنة والتي يمكن تطويرها من خلال عدة إستراجيات مثل الملاحـظة، الممارسـة، الاستماع النشط، التعلم من الزملاء، والإرسـترشاد بالكتب التي تقدم نصائح عملية حول موضوع المهارات الليًـنة.
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله، بسم الله الرحمن الرحيم (وَاللَّهُ أَخْرَجَـكُم مِّن بُطُـونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّـمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفـْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) – سورة النحل. وايضا يرشدنا الهدي النبوي، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، وَمَنْ يَتَحَـرَّ الْخَـيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَوَقَّ الشَّـرَّ يُوقَهُ).